2/20/15

سكوت يا قابس... إنه عيد الشرعية...

نص كتب ذات 24 أكتوبر 2012 


احتفلت اليوم "حكومتنا الموقرة" حكومة الانجازات بمرور سنة على الانتخابات أو كما شاء لبعض نشطاء الفيسبوك تسميتها بذكرى "تغطيس الصبع في الأزرق" وأمطرنا جمهورها الموضوعي والوطني جدا بوابل من الشعارات النوفمبرية على الطريقة الزرقاء. 
هكذا مر يوم 23 أكتوبر في العاصمة؛ في جل القنوات التونسية وخاصة داخل مبنى ما اعتبرناه ثمرة الثورة "المجلس التأسيسي بباردو"، تهاني ومباركة ولكن وفي مكان غير بعيد، ودون أن تضطر أن تستعمل جواز سفرك ودون أن تغادر التراب التونسي، هناك في خليج الجنوب تتبلور تفاصيل قصة أخرى حروفها وقضاياها ثورية، وقادحها هم تنموي أساساً .
قابس عروس الجنوب أمطرت سماؤها قنابل مسيلة للدموع لأنها طالبت بالتنمية؛ وفيما يلي ما رواه شاهد عيان عما جرى ليلة أمس وما همشه إعلامنا الموقر:
بدأت وفود الأهالي تتجمع على الساعة العاشرة صباحاً أمام إقليم الأمن الواقع بشارع "الطيب المهيري" احتجاجا على تجاوز حرمة المنازل وضرب الغاز المسيل للدموع في عقر الديار في الليلة الفاصلة بين الأحد 21 والإثنين 22 أكتوبر 2012، وفي المقابل حاول الأمن تفريق المحتجين بطلقات النار في الهواء. 
على الساعة 10:30 قامت شركة النقل بقابس بإشعار جميع معاهد المنطقة بضرورة تسريح كل التلاميذ لعدم إمكانية توفر وسائل النقل المدرسي خاصة. وعندها قام التلاميذ وعلى رأسهم تلاميذ معهد "محمد علي" بالاتجاه إلى الإقليم والالتحاق بالمحتجين.
بدأت على الساعة 11:15 مناوشات خفيفة بين الأمن والمحتجين لم تتجاوز الرشق بالحجارة رداً على القنابل المسيلة للدموع ولم تكن الحالة مريبة إلا بحلول الثامنة ليلاً عندما قامت وزارة الداخلية باستدعاء تعزيزات أمنية من صفاقس (ما يقارب 3000 عون) قدمت من صفاقس إلى قابس، ومن هنا انطلقت الحكاية حيث قام أعوان الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف حتى في باحات المنازل وداخلها بالإضافة إلى استعمال الرصاص المطاطي كما ظهرت مجموعة من الميليشيات (هذه الظاهرة التي لم تخفى على الشعب منذ حكمت النهضة البلاد) حيث قامت هذه المجموعة إلى الندساس داخل المحتجين لتقوم باصطيادهم جماعات وفرادى ثم إخلاء سبيلهم، لكن بعد تعنيفهم وهرسلتهم بطرق نازية، سادية...  حتى أضاحي العيد لم تسلم من إرهاب وزارة "العريض" وتم تسجيل حالات وفاة لمواشي بسبب الاختناق.
كما روى شهود عيان أنهم لاحظوا وجود كاميرات مراقبة مركزة بجانب أبواب بعض المنازل وهو ما يبعث الريبة وطرح أكثر من سؤال؟ خاصة وأن أعوان الأمن كانوا يتعمدون حشر المحتجين الغاضبين والمروَعين في اتجاه هذه المنازل ليتوقفوا هم قبل دخولهم المجال الذي قد يجعلهم في زوايا التقاط الصور.
وتزامناً مع هذه الأحداث، انتفضت مدينة"تبلبو" وكالعادة الأمن يتفنن في التنكيل بالأهالي دون احترام أبسط مقومات الكرامة: رائحة الغاز في كل مكان وصوت الرصاص يعلو كل صوت وما زاد المشهد قبحاً ووحشية أصوات أعوان الأمن في مكبرات الصوت تزيد الجو تلويثا حين تنتهك حرمة الأهالي بعبارات مشينة:"يا قوابسية خرجوا نساكم *****"
كم أنت قمعية يا حكومة الشرعية
في الأثناء انطلقت 3 سيارات شرطة متجهة إلى المستشفى الجهوي بقابس الواقع بمنطقة "مطرش" لتطلب بطاقة تعريف كل مختنق بالغاز المسيل للدموع أو جريح وتحتفظ ببياناته، قبل أن تسمح له بتلقي المساعدة الطبية....
نعم هذه ليست الأراضي المحتلة إنها تونس ما بعد الثورة...
ومن هناك انطلقت مناوشات في منطقة المستشفى واستباحت قوات الأمن الممتلكات الخاصة فقامت بخلع مجموعة من المنازل و"قهوة الشريف" والعمارات المجاورة لها فقط بحثاً على محتج هرب من بطشهم.
لم تشرق شمس الصباح بعد إلا وقد وصل مد بوليسي أخر إلى قابس بعد أن زادت حدة الاشتباكات وبعد أن انتفضت جل مناطق المدينة ليتكرر نفس السيناريو ويينفخ نفس البوق مزمجرا بما شاء من كلام بذيء ثم يطل ولي قابس معتذراً : "إن من يتكلم في البوق هما عونان جديدان لا يعرفان بعد طرق المخاطبة الأمنية الرسمية." وكأن المواطن يجهل أن من له رتبة "نقيب" هو فقط من يحق له استعمال مكبرات الصوت لمخاطبة الجماهير وليس المستجدين عديمي التكوين والخبرة.
تلك قابس وما يجري فيها وما يتعرض له أهلها ومن المرجح أن تستمر الاحتجاجات والانتهاكات وطبعا لا أحد يبالي أو يهتم لحرق المدينة وترويع الأهالي أو لهتك الأعراض والاعتداء الرسمي على الأجساد والبنايات وانتهاك حرمات البيوت والقذف العلني بفاحش الكلام....
 سكوت يا قابس ...
الكل يحتفل ليؤكد الشرعية ويمجد أصحاب المناصب والكراسي  وكل 23 أكتوبر وأنتم 7 نوفمبر.

No comments:

Post a Comment